• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1434-1435هـ) .
              • الموضوع : 168- 3ـ أن ينقلب كلامه الى كلام غير مطابق ، فهل هو كاذب ـ كلام الشيخ ومناقشته .

168- 3ـ أن ينقلب كلامه الى كلام غير مطابق ، فهل هو كاذب ـ كلام الشيخ ومناقشته

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
 
كان الكلام في مسألة ان خلف الوعد هل هو جائز او لا ؟ وقلنا ان هذه المسالة هي مسألة مستقلة لا ترتبط ببحثنا , وانما البحث هو في مسألة الكذب في الوعد وانه هل هو جائز او لا؟ وذكرنا ان الصور متعددة: 
 
الصورة الاولى : ان يخبر عن عزمه على ان يفعل شيئا وهو غير عازم من البداية على ذلك , وهذا كذب ,فإنه اخبار عن امر نفساني لكنه غير مطابق له 
 
الصورة الثانية : ان يخبر عن فعله في المستقبل كذا وكذا كأن يقول سأكرمك , و لم يكن عازما على ذلك , وهو كاذب بحسب البعض , ولكن سيأتي وجه تأمل فيما بعد , هذا ما مضى. 
 
هل يحرم جعل الخبر مخالفاً للواقع؟ 
 
الصورة الثالثة : وهي تلك الصورة التي يشير اليها الشيخ الانصاري في مكاسبه وهي : ان يفعل الانسان ما يجعل الشيء كذبا في المستقبل, أي : يفعل ما يقلب الشيء الى كذب مستقبلا , والشيخ ذهب الى عدم الحرمة في ذلك تبعا للمشهور 
 
توضيح ذلك بمثال : 
 
ونوضح كلام الشيخ بما يوضح الاطار العام بنظير ما ذكره وهو بيع الخمر او ما يصير خمراً، فإن له صوراً: 
 
الصورة الاولى : ان يبيع الشخص نفس الخمر للآخر , وهذا حرام باطل بلا كلام . 
 
الصورة الثانية : ان يبيع الشخص عنبا ليعمله[1] خمرا , وهذا حرام ايضاً ، اضافة الى بطلانه 
 
الصورة الثالثة : ان يبيعه العنب فيعمله خمرا : أي يبيعه مع علمه بكونه سيعمله خمرا لا لكي يعمله خمراً ، والقاعدة هي: عدم حرمه ذلك[2] الا ما لو علم من الشرع ارادة عدم وقوعه , كما لو باع شخص اخر سلاحا وهو يعلم انه سيعمل على قتل مؤمن بعد قليل فلا يجوز ذلك . 
 
الصورة الرابعة : ان يبيعه شيئا ثم يعمل بنفسه على قلبه خمرا له . 
 
وفي موردنا : قد يقول الانسان يقول كلاما ليس بكذب , ثم يفعل شيئا بان يتحول ما قاله في الماضي الى كذب – وهذه من صور انقلاب الماضي على ما وقع عليه[3] , كأن يقول لابنه: سأذهب بك غدا الى المسجد , وهو عازم على ذلك فهو صادق في قوله , ولكنه اذا جاء الغد قد يبدو له فـلا يأخذه ولا يفي بما وعده وبذلك فقد عمل على قلب الماضي الى كذب؛ اذ الكذب هو عدم مطابقة القول للواقع[4] , ومعه فهل هذا الفعل حرام او لا؟ 
 
واما عبارة الشيخ فهي : 
 
" الظاهر عدم دخول خلف الوعد في الكذب لعدم كونه من مقولة الكلام , نعم هو كذب للوعد بمعنى جعله مخالفا للوعد كما ان انجاز الوعد هو صدق له بمعنى جعله مطابقا للواقع فيقال صادق الوعد ووعد غير مكذوب , والكذب بهذا المعنى ليس محرما على المشهور وان كان غير واحد من الاخبار ظاهراً في حرمته ..." انتهى . 
 
منقاشة كلام الشيخ : ميزان الصدق والكذب يعم الفعل ايضاً 
 
وقد يناقش كلامه : بأن الظاهر ان هذا الاستدلال من الشيخ ليس بتام ؛ لان الكذب لا يشترط فيه - وكذلك في الصدق - ان يكون من مقولة الكلام , بل ان ميزان الصدق والكذب ينطبق حتى على الاشارة , فان سأل احدهم اين بكر ؟ فأشار الاخر الى مكان ليس هو فيه حقيقة ,فهذا كذب, والحاصل : ان ميزان المطابقة وعدمها يعم ما كان قولا او فعلا ، كما ذهب اليه السيد الوالد ايضاً 
 
نعم قالوا في تعريف الخبر " هو القول ...." ؛ لان الغالب فيه هو ذلك , وإلا فان الفعل له الحاكوية كذلك , فلو حكى ما كان مطابقا وهو قاصد[5] فصدق وإلا فلا. 
 
ثم ان ظاهر قوله ( بمعنى جعله ...) هو انه قدس سره يرى القلب والنقل لا الكشف[6] . 
 
فتأمل[7]وللكلام تتمة... 
 
وصلى الله على محمد واله الطاهرين 
 
 
[1] - أي بقصد ان يعمله 
 
[2] - قال الشيخ ( اما لو لم يقصد ذلك فالاكثر على عدم التحريم للاخبار المستفيضة ) 
 
[3] - والحق الكشف لا الانقلاب 
 
[4] - سبق تفصيل الاقوال في تعريف الكذب والصدق وستأتي الاشارة الى ذلك 
 
[5] - او لا بهذا القيد 
 
[6] - حيث هناك مبنى الكشف عما وقع فالامر مرتهن بعالم الاثبات ، ومبنى اخر هو انقلاب ما وقع سابقا ونقله عن حاله الى اخر ثبوتاً 
 
[7] - اذ يحتمل ارادته انه لا لون له ولا فصل بل يتفصّل بما يفعله لاحقاً فتأمل

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=190
  • تاريخ إضافة الموضوع : السبت 9 ربيع الاول 1435هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23