بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
البيع
(4)
تتمة الوجه الرابع:
تقريب المفاهيم للمبتدئين بل وتحديد مدار الاحكام للمحققين
وذلك لوضوح ان: للبيع احكاماً خاصة لاتجري في غيره كثبوت خيار المجلس [1] وخيار التأخير [2] وخيار الحيوان [3] فيه مما لا يجري في الاجارة او الهبة المعوضة لاختصاص هذه الخيارات الثلاثة بالبيع.
وكاشتراط التقابض في معاوضة النقدين اذا كانت بالبيع
وكانفساخ البيع بالتلف قبل القبض.
وكحرمة بيع الكالي بالكالي.
وكاشتراط كون المثمن عيناً – عند الكثيرين - مما لايشترط في الصلح مثلاً.
وكثبوت حق الشفعة في البيع دون الصلح.
والعكس كذلك، وذلك لـثبوت احكام لغير البيع لاتجري فيه؛ وذلك مثل:
صحة الغرر والجهالة في الجملة في الصلح مما لا يصح في البيع [4].
وصحة الصلح على الانتفاع (كأن يصالحه على ان يسكن داره ، او يلبس ثوبه او ان تكون جذوع سقفه على حائطه) دون البيع.
كما يصح الصلح على الثمار والخضروات قبل وجودها ولو في عام واحد وبلا ضميمة، اما في البيع فلا يجوز، واما بعد ظهورها بدون بدوّ صلاحها فقولان في البيع: الكراهة او الحرمة.
كما ان خطاب المنكر لمن يدعيى ملكيته لما في يده: (بعني) يُعدّ اقراراً منه بان المدعى هو المالك دون مالو قال (صالحني).
هذه كله بناءاً على عدم ثبوت الحقيقة الشرعية او المتشرعية للبيع ونظائرها كما هو المشهور المنصور واما عليها فالثمرة للتعريف أوضح، من ان تخفى.
التعريف ضابط مرجعي ومصحح للارتكاز
الوجه الخامس:
ان التعريف بعد الاستعانة بعلائم الحقيقة والمجاز يمتلك خاصية تصحيح ارتكاز الفقيه او الاصولي وارجاعه للارتكاز العقلائي العام او المتشرعي ، فقد يرى الفقيه (البيع) اخص او اعم الا انه بعد التدبر في التعاريف وتطبيق علائم التبادر والاطراد وصحة الحمل والسلب ام عدمهما قد يكتشف قصور ارتكازه او اعميته فيكون التعريف كاشفاً إثباتياً عن واقع المرتكز الثبوتي العقلائي او المتشرعي ، وكالبوصلة لتحديده ، فمثلاً هل المقايضة بيع ام لا؟
وكذلك لو شككنا في صحة بيع منافع الحرّ [5] فان من الطريق للحكم بالصحة وعدمها هو الرجوع الى تعريفه فان عرّفناه – كما عرفه الشيخ – بـ(انشاء تمليك عين بمال) لم يصح اذ ليست المنافع عيناً وان عرفناه كما في المصباح بـ(مبادلة مال بمال) فالامر منوط بتعريف التعريف أي اجزائه و اركانه وانه هل يصدق على منافع الحر (المال) ام لا؟ فان صدق بدعوى ان المال ما يتمول ومنافع الحر تتمول أي لها مالية عرفاً صح والا، بدعوى ان المال ظاهر فيما هو فعلاً مال ومنافع الحر مال بالقوة ، فلا وقد يفصل بين ما لو كان بالقوة القريبة وغيرها، وسيأتي تفصيل الكلام عن ذلك ، وهذا كله مع قطع النظر عن سائر الادلة وعن دعوى الانصراف وغيرها مما سيأتي بحثه بإذن الله تعالى.
وقد ذكرنا هذه الثمرة في ذيل الجواب على الاشكال على الثمرة الثانية إلا انه غيرها كما يظهر بالتدبر نعم هذه الثمرة مترتبة على الثمرة الاولى بل وتتفرع الثمرة الثانية عليها.
فيكون التسلسل هكذا:
ان التعريف ينقح المرتكز ويوضحه ويحدده، فاذا نقّحه وحدّده – مستعينا بعلائم الحقيقية والمجاز وغيرها –
امكن تصحيح مرتكز الفقيه عن المعنى العرفي او تخطئته، فاذا صحح او خطّأ لدى الطرفين، تحدد بذلك موطن النزاع والاخذ والرد، ويمكن تفريع الثمرة هذه – وهي الخامسة – والثانية على الاولى مباشرة من دون حاجة الى توسيط احداهما للأخرى كما يظهر بالتدبر.
التعريف معيّن للاطلاق المراد
الوجه السادس: ان التعريف يحدد أنّ أيّ اطلاق هو المراد أي انه يعيّن الاطلاق المراد والمقصود، مثلاً للكفر اطلاقات خمسة وكذا للإسلام، وتختلف احكامها جميعاً فانه بالإطلاق الاول ملاك النجاسة وبالإطلاق الثاني ملاك عدم مقبولية الاعمال ... وهكذا وقد فصلنا ذلك العام الماضي فراجع.
وفي المقام فان البيع – حسب المستظهر – له اكثر من اطلاق : اطلاق على السبب واطلاق على المسبب ولهذا اطلاقان ، وتختلف الاحكام والاثار حسب تعريفه بما يفيد السبب عما يفيد المسبب، وهذا هو ما سنبحثه بعد ذكر تعاريف القوم للبيع – التي بلغت العشرة او تجاوزتها – ثم نصل – باذن الله تعالى - للرأي المنصور وهو الاشتراك اللفظي وتعدد الاطلاقات.
================================================
|