• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1435-1436هـ) .
              • الموضوع : 312- بحث مبنائي : منجزية (الاحتمال الاجمالي) اضافة للعلم الإجمالي وتطبيقه على مبحث (النميمة) - على المشهور : لا تنجز لو كانت الأطراف الثلاثة أحدها منجز من قبل والآخران غير منجزين .

312- بحث مبنائي : منجزية (الاحتمال الاجمالي) اضافة للعلم الإجمالي وتطبيقه على مبحث (النميمة) - على المشهور : لا تنجز لو كانت الأطراف الثلاثة أحدها منجز من قبل والآخران غير منجزين

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
النميمة
(15)
الحالات والاعتبارات الثلاثة
سبق (وذلك لوضوح ان الحالات النفسية ومن ثم الاعتبارات العقلائية ثلاثة:
أ- الاحتمال البدوي
ب- الاحتمال الإجمالي كما في المقام حيث لم يحدث علم إجمالي جديد بالتكليف لكنه حيث علم بسقوط قطرة في احدهما حدث له أكثر من الاحتمال البدوي وأقل من العلم الإجمالي وهو الاحتمال الإجمالي أي الاحتمال الناشئ عن العلم إجمالاً بسقوط قطرة دم تكويناً وإن لم يحدث علم إجمالي بتكليف جديد.
ج- العلم الإجمالي.
فقد يقال: ان العقلاء لا يفرقون من حيث الحكم بين الثاني والثالث).
وبعض التوضيح([1]): انه توجد إضافةً للعلم التفصيلي والظن، تكويناً أمور وحالات ثلاثة:
الاحتمال البدوي
1- الاحتمال البدوي، هو ما لم يكن ناشئاً عن علم إجمالي، وهو ليس بمنجز إلا لو كان المحتمل خطيراً، لكن عدم تنجيزه لا يمنع حكم العقل والعقلاء والشارع بلزوم الفحص فلو لم يفحص ففاته حكم إلزامي أو اقتحم في محرم عدّ آثماً لأن المقدور بالواسطة مقدور وتفويته حيث كان بسوء اختياره وتفريطه، من غير فرق بين كونه في بعض مقدماته أو طرقه أو كواشفه، مستوجباً للعقاب.
هذا لو لم نقل بمسلك حق الطاعة، وإلا كان الاحتمال البدوي منجزاً عقلاً إلا ان يحكم الشارع بالبراءة في الجملة أو مطلقاً وقد فعل بالنسبة إلى ما قبل (الوصول) مما استند عدمه([2]) إلى الفاعل لا إلى تقصير القابل قال تعالى: ((وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً)).
العلم الإجمالي
2- العلم الإجمالي، وهو يقابل العلم التفصيلي، وهو مركب من علم وجهل: العلم بالجامع والجهل ببعض الخصوصيات، أو العلم بأصل حدوث التكليف والجهل بمتعلقه وانه هذا المصداق أو ذاك، ثم انه على أقسام فقد يكون في أطراف الشبهة المحصورة وقد يكون في غيرها (وقد اختلف في ضابط المحصورة وغيرها على أربع أقوال ليس هنا محل ذكرها) إلى غير ذلك من التقسيمات التي لا تهمنا الآن.
الاحتمال الإجمالي
3- (الاحتمال الإجمالي) وهو ما اصطلحناه وهو أمر بين الاحتمال البدوي والعلم الإجمالي وذلك كلما كان علم إجمالي تكويني ولم ينشأ منه علم إجمالي تشريعي (أي بالتكليف) فانه ينشأ منه احتمال إجمالي به، ويظهر ذلك بملاحظة المثال الآنف فانه لو سقطت قطرة دم في احد إنائين كان احدهما مدمِيّا([3]) من قبل فانه يحدث عندئذٍ علم إجمالي تكويني بسقوط قطرة دم في احدهما([4]) (إذ هذا هو المفروض) لكنه لم يحدث علم إجمالي تشريعي بتكليف جديد إذ لو سقط هذا الدم في الإناء غير المدمي لحصل تكليف جديد إلا انه لو سقط في الإناء المدمي من قبل فانه لا يحدث تكليف جديد وإلا لكان تحصيلاً للحاصل أو جعلاً للمماثل في محل غير قابل (أي غير قابل لجعل مماثلين) أو لغوا، كما سبق في الهامش، وحيث تردد بينهما فانه لم يحصل علم إجمالي بتكليف جديد دون شك لكنه حدث احتمال إجمالي بنجاسة الإناء الآخر، وهذا الاحتمال الإجمالي هو غير الاحتمال البدوي وجداناً إذ ذلك الاحتمال (البدوي) لم ينشأ عن العلم التكويني بسقوط قطرة ما بل لمجرد الشك في ذلك واما هذا الاحتمال الإجمالي فانه أمر حادث ناشئ عن ذلك العلم التكويني بسقوط قطرة الدم مع الجهل بالمتعلق.
الاحتمال الإجمالي: علم بأمر تكويني وجهل بأمر تشريعي
والحاصل: ان الاحتمال البدوي جهل صِرف واما الاحتمال الإجمالي فهو مزيج علم وجهل([5]): علم بأمر تكويني هو السبب لأمرٍ تشريعي في حد ذاته (وهو سقوط قطرة الدم) وجهل بحدوث تكليف على أثره (لأنه لو سقط في المدمي لما حدث حكم ولو سقط في الآخر لحدث) أو فقل انه جهل منشؤه علم وهذا غير الجهل الصرف الذي لا منشأ له إلا عدم تحقق سبب من أسباب العلم. فتدبر
لا فرق بين العلم الإجمالي والاحتمال الإجمالي
ثم من الواضح ان العقلاء بل والعقل لا يجد فارقاً في الإناء الثاني (النقي سابقاً قطعاً) بين كون الإناء الأول نقياً سابقاً قطعاً ثم وقعت قطرة دم في احدهما وبين كون الإناء الأول مدمياً نجساً من قبل قطعاً ثم وقعت قطرة دم في احدهما فلا يختلف حال الإناء الثاني عقلاً لأجل إختلاف حال الإناء الأول المباين له تماماً من حيث ان احتمال سقوط قطرة الدم فيه هي خمسين بالمائة في الصورتين.
وغاية الأمر في الفرق هو حدوث علم إجمالي تشريعي في الصورة الأولى دون الثانية إلا ان العقلاء لا يجدون، من حيث جهة لزوم الاجتناب أو حسنه، فرقاً في الإناء الثاني من حيث كونه محتمل التنجس بأمرٍ حادثٍ تامِّ الاقتضاء، ولذا تجدهم لا يقتحمون في الإناء الثاني أبداً ان كان في دائرة الحرام عقلاً أو عرفاً أو شرعاً، ولا يقتحمون فيه كراهة إن كان في دائرة المكروه عقلاً أو عرفاً أو شرعاً، وذلك سواء كان الإناء الأول مدمياً من قبل أو لا.
والوجدان أكبر شاهد بذلك لو نظر المكلف للقضَيتين بما هما هما مجرداً عن ما يلقيه في ذهنه مصطلح انه قد وجد علم إجمالي جديد في ما لو كان الطرفان غير منجزين من قبل ولم يوجد فيما لو كان أحدهما منجزاً من قبل. فتأمل
4- منجزية العلم الإجمالي لو كان طرف ثالث غير منجَّز
ثم انه قد يقال بوجود مخرج رابع، وان بنينا على مسلك المشهور من عدم منجزية العلم الإجمالي (ولا الاحتمال الإجمالي – الذي حسب النظر القاصر لم يلاحظوه فدار الأمر لديهم بين الاحتمال البدوي والعلم الإجمالي فحيث رأوا انه لم يوجد الثاني فرأوا ان الأول قد حصل قهراً مع انه حسب ما حققناه يوجد ضد ثالث).
وهو ان يقال: بان الأمر في آية ((يفسدون في الأرض)) من قبيل العلم الإجمالي المتعلق بأطراف ثلاثة أولها منجز من قبل والآخران غير منجزين ثم حدث علم إجمالي بسقوط قطرة دم في أحد الثلاثة فهل ذلك ملحق بالعلم الإجمالي بسقوطها في الإناء الأول أو الثاني، فغير منجز أو في الثاني أو الثالث فمنجز، لامكان كلا الوجهين في ذي الأطراف الثلاثة والمقام من هذا القبيل – على تأمل([6]) – إذ قد يقال ان حرمة الإفساد في الأرض – بمعنى المنتشر – سبقته محرمات منتشرة ولحقته محرمات أخرى فبلحاظ الأولى دار الأمر في العلم الإجمالي لدى تحريم (الإفساد) بين منجَّز من قبل – وهو المحرمات المنتشرة السابقة – والإفساد، وبين الإفساد وغير المنجز من قبل وهو المحرمات الآتية أو فقل دار الأمر بين منجز من قبل (المحرمات المنتشرة السابقة) وبين منجزين وهما المحرمات الآتية ونفس الإفساد والذي فرض حدوث تحريمه بهذه الآية). فتأمل([7]).
الأجوبة:
وفيه: أولاً: انه غير منجز على المشهور إذ حيث وجد طرف منجز واحد فانه لا يحدث علم إجمالي بالتكليف لدى التردد بين الأطراف الثلاثة أو أكثر وإن كانت جميعها([8]) غير منجزة.
ثانياً: لا يعلم كون الآية من هذا القبيل إذ يعلم لحوق محرمات لها([9]).
ثالثاً: الإفساد كما سبق محرم قطعاً لكونه من المستقلات العقلية والآية إرشادية فتأمل
وصلى الله على محمد واله الطاهرين
 
 

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1562
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 25 جمادى الأولى 1436هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23