• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1434-1435هـ) .
              • الموضوع : 125- الكذب ومستثنياته عناوين المسائل 1ـ حرمة الكذب 2ـ حرمة الاستماع للكذب ـ استثنائات : الكذب هازلاً ، الكذب في الوعد المبالغة والاغراق ، التورية ، الكذب في الاصلاح وفي الحرب ومع الاهل وفي الاضطرار وفي القصص المخترعة وحول اهل البدع ؟ ـ الاستدلال على حرمة مطلق الكذب بالكتاب ، والمناقشة فيه .

125- الكذب ومستثنياته عناوين المسائل 1ـ حرمة الكذب 2ـ حرمة الاستماع للكذب ـ استثنائات : الكذب هازلاً ، الكذب في الوعد المبالغة والاغراق ، التورية ، الكذب في الاصلاح وفي الحرب ومع الاهل وفي الاضطرار وفي القصص المخترعة وحول اهل البدع ؟ ـ الاستدلال على حرمة مطلق الكذب بالكتاب ، والمناقشة فيه

 بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
الكلام في المكاسب المحرمة، والبحث سيكون حول الكذب وحرمته ومستثنياته، ونتناول فيه اثنتا عشرة مسألة كلها مورد ابتلاء شديد. 
حرمة الكذب واستماعه 
المسألة الأولى: حرمة الكذب. 
المسألة الثانية: هل أن استماع الكذب حرام أو لا؟ 
وأما بقية المسائل العشرة فهي المستثنيات من حرمة الكذب، فانه بعد الفراغ من كون الكذب حراما، فهناك بعض المسائل هي خارجة إما موضوعا و تخصصا، او حكما وتخصيصا، من قبيل التورية فهل هي كذب او لا ؟ فهناك نقاش وكلام في ذلك، ثم إنها لو كانت داخلة في موضوع الكذب([1]) فهل هي ـ أي التورية ـ مستثناة منه حكما أو لا؟([2]) 
عشر مسائل مستثناة من الأصل: 
وضمن مورد الاستثناء توجد مسائل عشرة مستثناة من أصل حرمة الكذب، وهي: 
المسألة الأولى: الكذب مازحا 
أما المسألة الأولى فهي ما لو تكلم الرجل كذبا مستهزئا، كما لو قال لرجل آخر وهو دميم ما أجمله ! فهل هذا الكلام هو من الكذب المحرم؟ إخبارا([3]) كان او إنشاء، وانتقاصا كان او لا ؟ هذا تارة و وتارة أخرى يكذب الشخص مازحا، ـ وما أكثر ذلك بين المؤمنين ـ فهل المزاح كذبا محرم ؟([4]) 
المسألة الثانية: الكذب في الوعد (او خلف الوعد) 
وأما المسألة الثانية من المستثنيات – وهي مسألة شديدة الابتلاء – فهي خلف الوعد فهل هو جائز أو لا ؟ وهنا ننوه ونذكر أن عنونة هذا الاستثناء([5]) بهذه الطريقة أي خلف الوعد لا يخلو من مسامحة ؛وذلك أن خلف الوعد ليس من مقولة الكذب او الصدق وإنما هو مسألة مستقلة برأسها وهي انه: هل يجوز خلف الوعد او لا ؟ وهذه المسألة مستقلة عن مسألة الكذب في الوعد والذي هو ما ينبغي ان يبحث في المقام، فانه تارة يعد الإنسان الآخر ويقول له سأعطيك غدا دينارا وهو ناوٍ من بداية الأمر أن لا يعطيه فهذا هو الكذب في الوعد وهو بحثنا في المقام، وتارة أخرى عندما يأتي الغد فانه لا يعطيه بعد أن كانت نيته البدوية الإعطاء([6]) فان هذا ما يسمى (الخلف بالوعد) فان عدم إعطاء المال هو خلف للوعد. 
وعليه فهاتان مسألتان مستقلتان([7]). 
المسألة الثالثة: المبالغة والإغراق 
وأما المسألة الثالثة من المستثنيات فهي المبالغة، ويلحق بها الإغراق([8])، فهل المبالغة في الكلام كذب موضوعا؟ ولو كانت كذلك أي: داخلة موضوعا فهل هي مستثناة حكما؟ او هل يوجد تفصيل في المقام كما هو المستظهر؟ سيأتي الكلام عن ذلك إن شاء الله، 
ومثاله أن يقول الوالد لابنه مرتين ان لا يذهب إلى مكان معين ثم يخبر عن ذلك بأنه قد قال له الكلام عشرين مرة، فهل هذا كذب وجائز او لا؟ 
وأما الإغراق فهو المبالغة الشديدة جدا كأن يقول في المثال السابق إنني قد منعته من الذهاب وقلت له ألف مرة أن لا يذهب. 
المسألة الرابعة: التورية 
قد ذكرنا شيئا منها وسيأتي الحديث بتفصيله ان شاء الله تعالى 
المسالة الخامسة: الكذب في الإصلاح 
وأما المسألة الخامسة فهي الكذب لإصلاح ذات البين، والمعروف انه جائز، ولكن المشكلة في المقام هي ان الإصلاح هو حكم لا اقتضائي؛ لاستحبابه([9])، والكذب اقتضائي؛ لأنه حرام، وهنا فكيف يتقدم اللااقتضائي على الاقتضائي؟ أي كيف يتقدم ويترجح المستحب على الحرام فيجوِّزه فنرتكبه؟ 
المسألة السادسة: الكذب عند الاضطرار 
كما هو الحال في التقية 
المسألة السابعة: الكذب في الحرب 
ومن المسائل المستثناة أيضا الكذب في الحرب، ولكن: هل هذا الاستثناء هو بقول مطلق او انه بالجملة ؟ أي: هل ان الكذب في الحرب جائز وان لم تكن ثمة حاجة إليه ؟ أو ان الحاجة والمصلحة في الحرب هي المسوغة لهذا النوع من الكذب فيكون هذا المورد مستثنى دون غيره؟ 
أنواع متعددة للحرب: 
ثم ان الحرب قد تكون حرباً عسكرية وقد تكون سياسية او دبلوماسية او إعلامية او ثقافية، وعليه فهل طيف الاستثناء يشمل كل هذه الموارد المتعددة؟ أم يقتصر فيه على القدر المعروف المذكور عادة وهو الحرب العسكرية؟ الفقهاء اقتصروا في البحث على الحرب العسكرية([10])، 
ولكن على كل حال فان الحكم بالتضييق او التوسعة تابع للأدلة في المقام . 
المسألة الثامنة: الكذب على الزوجة 
وهاتان بالحقيقة مسألتان، فانه توجد بعض الروايات التي تصرح بان الإنسان يجوز له الكذب في وعده زوجته، وهل الكذب على الأهل والذي يشمل الأولاد او الإخوة او الأم، كذلك، فهل كل هذه الوارد مستثناة من الأصل؟ 
ثم على فرض كونها كذلك فما هي فلسفة التجويز في المقام ؟ 
المسألة التاسعة: الكذب حول اهل البدع 
وأما المسألة التاسعة فهي الكذب بخصوص أهل البدع، وذلك استنادا إلى روايات عديدة منها الصحاح، فقد جاء في الكافي الشريف عن رسول الله J: ((إِذَا رَأَيْتُمْ أَهْلَ الرَّيْبِ وَالْبِدَعِ مِنْ بَعْدِي فَأَظْهِرُوا الْبَرَاءَةَ مِنْهُمْ وَأَكْثِرُوا مِنْ سَبِّهِمْ وَالْقَوْلَ فِيهِمْ وَالْوَقِيعَةَ وَبَاهِتُوهُمْ كَيْلَا يَطْمَعُوا فِي الْفَسَادِ فِي الْإِسْلَامِ وَيَحْذَرَهُمُ النَّاسُ وَلَا يَتَعَلَّمُوا مِنْ بِدَعِهِمْ يَكْتُبِ اللَّهُ لَكُمْ بِذَلِكَ الْحَسَنَاتِ وَيَرْفَعْ لَكُمْ بِهِ الدَّرَجَاتِ فِي الْآخِرَةِ))([11]) 
فهل هذا المورد من موارد الاستثناء وهل هو ثابت على إطلاقه أو لا؟ 
المسألة العاشرة: الكذب في القصص المخترعة 
واما المسألة الأخيرة المستثناة فهي الكذب في القصص المخترعة، كمن يخترع قصصا لأبنائه كي يخيفهم من خطر مّا ولو لجهة حسنة، كأن يخترع قصة شخص اصطدم بسيارة في الشارع لتخويف أولاده من خروجهم في الشارع لأجل الحفاظ عليهم، او كما في القصص البوليسية او الروايات، او البعض الذين يروون القصص المخترعة المتخيلة عن ما جرى في صدر الإسلام كما في الطريقة العلمية الحديثة فإنهم يرممون نواقص النص التمثيلي بما يحدسون انه قد حصل([12])، فان السينارست يتوقع ويحدس كثيرا من الأحداث فيكتبها لاعتقاده([13]) أن الأمر قد جرى على هذا المنحى، فهل ما اخترعه كذب وحرام او لا؟ 
هذه هي المسائل العشر والتي سنطرحها تباعا إن شاء الله تعالى. 
المسألة الاولى: حرمة الكذب 
ولقد اطلق القول بحرمة الكذب الشيخ الأنصاري وصاحب الجواهر والسيد الوالد والسيد الخوئي والسيد الروحاني وغيرهم، حيث اعتبروا حرمة الكذب من المسائل المسلمة، وانها ثابتة بالأدلة الأربعة، 
فقد ذكر الشيخ في مكاسبه: (الكذب حرام بضرورة العقول والأديان، وتدل عليه الأدلة الأربعة) انتهى، 
وأما السيد الخوئي فقد ذكر في مصباحه: (أما الكتاب والسنة الواردة لدى الخاصة والعامة في ذلك فذكرهما مما لا يحصى) انتهى، أي إن الآيات والروايات الدالة على الحرمة كثيرة جدا، 
وأما صاحب فقه الصادق (عليه السلام) فيقول: (أما الكتاب والسنة فقد دلت عليه كثير من الآيات والنصوص) انتهى، ونظير ذلك ذكره السيد الوالد في مكاسبه وهكذا.. 
الأدلة على حرمة الكذب: 
الدليل الأول :الآيات الشريفة في القران العزيز 
ونتوقف الآن عند الدليل الأول الذي أقيم على حرمة الكذب وهو الآيات المباركة فانه توجد آيات كثيرة في المقام([14])،([15]) ولكن المشكلة فيها أنها لا تدل بظاهرها على المدعى المعروف ؛ فان هذه الآيات إما أنها قد وردت فيها مادة الكذب وبمختلف تصريفاتها، لكن المستظهر أنها لا تدل على الحرمة المطلقة للكذب. 
وأما هي آيات قد وردت بمواد أخرى مثل (زعم)، والظاهر أيضاً انه لا يمكن الاستناد إليها لإثبات التحريم المطلق، وكذلك توجد آيات أخرى وبمواد أخرى مثل (قول الزور) سيأتي الكلام عنها ان شاء الله تعالى . 
عرض موجز لبعض الآيات والنقاش فيها : 
نتعرض هنا لبعض الآيات التي ورد فيها لفظ (الكذب) بخصوصه وهي اثنتا عشرة آية، والمشكلة في كلها ان الكذب فيها خاص بما كان على الله تعالى او في شؤون الدين، أي :إن الكذب الوارد إما في أصول الدين او في شؤونه كقوله تعالى: (وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) ([16])، وكذلك (يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ) ([17]) ، وهذا المورد هو مفروغ عن حرمته، وكلامنا في البحث ليس في هذه الحصة الخاصة وإنما في الكذب وحرمته بشكل مطلق، وهناك آية أخرى وهي ( وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ([18]) وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمْ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمْ الْحُسْنَى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمْ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ) لكن الظاهر ان المراد من (الكذب) هو (ان لهم الحسنى) وهو كذب على الله تعالى إذ مع كونهم كافرين فانهم يكذبون على الله بان لهم الحسنى أي الجنة – على بعض التفاسير – 
نعم الآية التي يمكن أن يستدل بها هي ( إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْكَاذِبُونَ) ([19]) ووجه الاستدلال بها ما ذكره السيد الروحاني في فقهه: (بدعوى انه جعل الكاذب غير مؤمن بآيات الله كافرا بها...). 
وبعبارة أخرى: ان هناك تساويا بين الطرفين، أي بين الكاذب ومن ليس مؤمنا بآيات الله فيكون هذا كذاك محرما. 
وان شئت فقل: إن افتراء الكذب اخص مطلقا من (الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ). 
وجه صاحب مجمع البيان: 
وأما صاحب مجمع البيان الشيخ الطبرسي(قدس سره) فانه يستظهر – بما يستفاد من كلامه – أن الآية إخبار في مقام الإنشاء فتفيد تحريم الكذب، 
حيث يقول(قدس سره): (وفي الآية زجر عن الكذب حيث اخبر سبحانه انه إنما يفتري الكذب من لا يؤمن ..) انتهى 
ثلاثة إشكالات على الاستدلال بالآية على حرمة الكذب مطلقاً: 
ولكن قد يرد على كلام الشيخ الطبرسي وعلى الاستدلال الذي ذكره فقه الصادق([20]) ثلاثة إشكالات هي: 
الإشكال الأول: التفريق بين افتراء الكذب والكذب 
أما الإشكال الأول فهو إن الآية تتحدث عن افتراء الكذب وليس عن الكذب، بل مع تتبع الآيات ـ ومع قطع النظر عن الإشكال الأول وإنها مختصة بأصول الدين ـ فإنها يتمحور الكلام فيها حول افتراء الكذب فهو موضوعها، وهناك فرق بين الكذب وبين افترائه؛ فان الافتراء هو اخص مطلقا من الكذب حيث يطلق على صنف من أصنافه وهو الكذب العظيم او الكبير([21]) 
يقول صاحب مجمع البحرين (الفرية: الكذبة العظيمة التي تتعجب منها، والافتراء العظيم من الذنب) 
إضافة في المقام: استنباط لغوي 
كما ان هناك إشكالا ثانيا في الاستناد للآية بلحاظ تضمنها مادة الافتراء وهو إن الافتراء مأخوذ من الفري والفري هو القطع مثل فري الأوداج ـ والمستظهر أن الافتراء يراد منه ما ينتهك به حق الآخرين، فكأنه فري وقطع واقتطاع من حقهم، وافتراء الكفار المذكور في هذه الآيات انتهاك لحق المنعم وحق الخالق، 
وعليه: فلو كذب الإنسان غير منتهك لحق شخص آخر([22]) فهو ليس بفرية فلا تشملها الآيات. وللكلام تتمة. 
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطاهرين. 
 
 
([1]) وهو قول المشهور بل ادعى في المهذب ج16 ص154: (التورية ليست بكذب إجماعاً ونصوصاً) 
([2]) كما ارتضاه صاحب الجواهر ج23 ص127 الطبعة الحديثة. 
([3]) كـ: جاء ذو الجمال البارع! 
([4]) ونفرض هنا ان قرينة المزاح موجودة 
([5]) كما في المكاسب وغيره وقد صرح في المكاسب بعدم كون خلف الوعد من مقولة الكلام. 
([6]) أو حتى لو كانت نيته منذ البداية عدم الاعطاء. 
([7]) أي الكذب في الوعد والخلف في الوعد 
([8]) والمعنون في كلامهم عادة هو: المبالغة. 
([9]) نعم بعض الإصلاح واجب ولكن المشكلة في الإصلاح المستحب 
([10]) ولعل ذلك لعدم الابتلاء بالسياسات الموجودة في عالمنا الحاضر وكذلك بسبب وسائل الاتصال وما جرى من تطور في الإعلام والتواصل الذي نشهده الآن. 
([11]) الكافي ج2 ص275. 
([12]) كما في الأفلام الإسلامية والمسلسلات كمسلسل يوسف الصديق ع وغيره 
([13]) أو حتى لا لاعتقاده. 
([14]) بحسب استقراء ناقص لأكثر من سبعين آية 
([15]) ولم نجد من ناقش في دلالة الآيات على حرمة الكذب 
([16]) آل عمران: آية 75. 
([17]) النساء: آية 50. 
([18]) أي البنات والشركاء ونظائرهما. 
([19]) النحل: آية 50. 
([20]) وأجاب عنه بثاني الأجوبة الآتية كما سيأتي نقل كلامه. 
([21]) و كلامنا هو حول الأدلة على حرمة مطلق الكذب كالكذب العادي والبسيط لا في الحصة الخاصة. 
([22]) كما لو قال ذهبت للسوق ولم يذهب أو طالعت الكتاب ولم يطالع.

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=147
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاحد 2 ذو القعدة 1434هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23