• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1435-1436هـ) .
              • الموضوع : 487- جوابان آخران 1ـ النوعية في المحتمِل والمحتَمل لا الاحتمال 2ـ فرق النوعية ( الاجودية ) الكاشفة عن الواقع مع الصانعة للواقع ـ الجواب عن العنوان والمحصل بان ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ ... ) وارد على ( قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ) .

487- جوابان آخران 1ـ النوعية في المحتمِل والمحتَمل لا الاحتمال 2ـ فرق النوعية ( الاجودية ) الكاشفة عن الواقع مع الصانعة للواقع ـ الجواب عن العنوان والمحصل بان ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ ... ) وارد على ( قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ )

 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
تقليد الأعلم
(11)
أجوبة أخرى:
سبقت دعوى ان الاحتمال الكمي قد لا يكون منجزاً (كما لو كان واحداً بالمائة إذا عُدّ عرفاً موهوماً) اما الاحتمال النوعي فهو منجز وإن كان واحداً بالألف إذ الكيف والنوعية تعوِّض عن الكميةِ وضعفِ الاحتمال، وسبقت أجوبة، ونضيف:
(الاحتمال النوعي) لا وجود له
ان وصف الاحتمال بالنوعي أو الكيفي مجاز بل الموصوف بالكيفية والنوعية هو اما المحتمِل أو المحتمَل لا غير، اما الاحتمال فليس إلا كميّا.
بيان ذلك: انه توجد عند كل احتمال (أو ظن أو اطمئنان أو حتى العلم لكن ليس الكلام فيها الآن) احتمله عالم خبير أو اعلم أو حتى جاهل فيما يتعلق بحقيقة تكوينية أو تشريعية أو اعتبارية، ثلاثة أمور: المحتمِل([1]) والمحتمَل والاحتمال، والكيفية خاصة بالأوّلَين دون الأخير فان زيادته وقلته وقوته وضعفه هي كمية لا غير.
اما المحتمِل: فانه قد يكون أجود فهماً وأقوى ملكةً والكيفية هنا قائمة بنفس المحتمل إذ الملكة والعلم من الكيفيات النفسانية وهي قابلة للشدة والضعف، لكن أجودية فهمه واقوائية ملكته لا تنتج لزوم اتباعه إلا لو انتجت أكثرية احتمال إصابته (فعاد الأمر كمياً كما سبق أي ان الاحتمال الكمي زاد ولا وجود للاحتمال الكيفي هنا وان وصف به فهو مجاز).
واما المحتمَل: فكما لو تعلق الاحتمال بالشؤون الخطيرة فان الاحتمال الكمي وإن كان ضعيفاً إلا ان المحتمل إذا كان خطيراً كان منجزاً عكس ما لو قوي الاحتمال وضعفت خطورة المحتمل فانه قد لا يكون منجزاً إلا لو ازداد كمّ الاحتمال كثيراً؛ فقد يكون احتمال الواحد بالألف منجزاً إذا كان المحتمل انفجار قنبلة نووية بضغط هذا الزر مثلاً وقد لا يكون احتمال العشرة بالمائة منجزاً إذا كان المحتمل نجاسة ثوب زيد مثلاً.
اما الاحتمال: فانه ما لم يَعُد إلى قوة ملكة المحتمِل أو خطورة شأن المحتمَل فانه لا يشكل إلا رقماً كمياً لا غير.
والحاصل: ان المحتمَل قد يكون نوعياً والمحتمِل قد يكون ذا كيفية أعلى اما الاحتمال فقد يكون أقوى أي ان كميته ازدادت من واحد بالمائة إلى عشرة بالمائة مثلاً ولا غير، فلا وجود للاحتمال النوعي إلا من باب المجاز في الكلمة أو في الاسناد.
فارق الأجودية الصانعة للواقع عن الكاشفة عن الواقع
ثم ان قوة الملكة قد تكون صانعة للواقع، وهنا تؤثر الكيفية ثبوتا في كل واحدٍ واحدٍ من المؤدّيات أي في 99 من الموارد والمصنوعات وان فرض تخلفها عن الواحد الأخير.
وقد تكون كاشفة عن الواقع، وهنا لا تؤثر في كل واحد واحد بل غاية ما تكشف عنه عندئذٍ هو ان نسبة الإصابة أعلى فبدل ان تكون 98% تكون 99% مثلاً وهذا يعني مؤثريتها في الكشف عن 0.1% الإضافية دون آحاد الـ98% لأنها منكشفة حتى لذي الملكة الأضعف والكيفية الأدون.
توضيحه: ان المهندس الأعلم والبنّاء الأفضل تُنتج أجوديتُه وأعلميته واكفأيته جَودةَ وإتقان 99 بيتاً (اي كل واحد واحد منها) من مائة بيت (لتسليم ان الأكفأ قد يخطأ أحياناً ولنفرض خطأه 0.1%) وذلك لأن أجوديته صانعة للواقع (وهو البيوت) لا كاشفة عنها
اما غير الأفضل فان فقده للاجودية ينتج عدم اجودية كل الـ99 بيتاً.
هذا كله في الاجودية والاكفأية الصانعة للواقع على عكس الاجودية الكاشفة عن الواقع فقط كما في المقام فان الأعلم وغيره يريد اكتشاف الأحكام الشرعية عبر إعمال نظره والاستنباط من الأدلة الأربعة فهو كاشف عن الواقع (وهو أحكام الشارع أي منشآته) وليس صانعاً له؛ إذ ليس هو المشرّع للأحكام بل دوره هو مجرد الوصول إليها والكشف عنها ببركة علمه أو أعلميته([2]).
وحينئذٍ فان الأعلم قد يخطئ في 0.1% والمفضول يخطئ في 0.2% (أو حتى فرضاً 10%) وهذا يعني ان الأعلم وغيره مصيبان في 98 من الموارد (أو الأعلم في 99 والمفضول في 90) فهما سيان من هذه الجهة أي في هذه الموارد ولم تنتج أعلميتُه أفضليةً فيها إذ الفرض ان رأي كليهما مطابق للواقع، نعم انتجت أعلميته أفضليةً بالاصابة في الرقم 99 الذي اخطأ فيه المفضول (أو في الأرقام 90 – 99 التي أخطأ فيها المفضول) فالافضلية ليست مؤثرة في كل واحد واحد من المائة بل في الواحد (أو عشرة على الفرض الأكبر) الأخير([3]) وان كان منتشراً أو ضائعاً بين كل تلك المائة([4]).
وبهذا ظهر ان اجودية الفهم واقوائية الملكة انتجت واحداً كمياً فقط ولا يوجد واحد نوعي بالمرة. فتدبر واغتنم
جواب آخر عن إشكال العنوان والمحصل
سبقت أجوبة عديدة عن دعوى تعين تقليد الأعلم استناداً إلى ان احتمال إصابته أقوى والاحتمال الأقوى منجز فيما كان في دائرة العنوان والمحصل، وأحكام الشرع منها([5]) لقوله تعالى: (قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ...([6])) و( فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ)([7])
وقد وأجبنا أولاً بارشادية أمر (قوا) و(اتقوا) ونظائرها كأوامر الطاعة، على المشهور.
وثانياً: بانها على القول بمولويتها – كما هو المنصور – انحلالية أو اندكاكية... الخ وهنا نضيف:
(وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ...) وارد على (قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ)
ثالثاً: ان قوله تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) وارد على (قُوا...) و(فَاتَّقُوا...) ونظائرهما.
إذ الدليل الوارد هو ما أزال موضوعَ الدليل المورود عليه حقيقةً لكن بعناية التعبد([8])، وقد أزال (وما كنا معذبين) موضوع (قوا) وجدانا لكن ببركة التعبد الشارعي ولطف الله إذ موضوع (قوا) ومتعلّقه هو النار والعذاب([9]) والعقوبة ومع ورود قوله تعالى: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) يكون الله تعالى قد نفى وأسقط العقوبة والعذاب والنار أي لا نار ولا عقوبة ولا عذاب إلا بعد (الحجة الواصلة) وحيث لم تصل الحجة (إذ لا دليل تام على تقليد الأعلم إلا دعوى العنوان والمحصل في فرض هذا الدليل([10]) وقد نفاهما (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ)) فلا عذاب قطعاً فلا يبقى موضوع لـ(قوا...) إذ يجب ان نقي انفسنا النار والعذاب والعقوبة وحيث نفاها الله تعالى قطعاً – بلطفه – فلا تبقى محتمَلةً حتى يتوجه أمر (قُوا...) المدعى انه منجز ولو لاحتمال العذاب، إذ لا احتمال للعذاب بعد ورود (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ). فتدبر جيداً([11])
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين
 
([1]) وكذا الظان والعالم.. الخ إلا ان الكلام ليس فيها الآن.
([2]) وذلك لوضوح اننا لسنا مصوبة بل مخطّئة.
([3]) ومع ذلك فالتميَّز كمي (أي كمّ موارد الإصابة ازداد في الأعلم) لا كيفي.
([4]) وانتشاره وتردده إشكال آخر غير إشكال الاحتمال الكيفي.
([5]) أي من العنوان والمحصل.
([6]) التحريم: 6.
([7]) البقرة: 24.
([8]) أي منشأ الرفع الحقيقي هو التعبد الشرعي.
([9]) إذ (قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً) أي قوها عذاب النار أو الدخول فيها وهو عذاب.
([10]) واما سائر الأدلة فقد مضى نقاش بعضها ويأتي نقاش بعضها الآخر بإذن الله تعالى.
([11]) وقد يقال بالخروج التخصّصي وهو فوق الورود. فتأمل

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1450
  • تاريخ إضافة الموضوع : الاثنين 5 ربيع الثاني 1436هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23