• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : المكاسب المحرمة (1435-1436هـ) .
              • الموضوع : 274- الادلة على حرمة اللعب ومناقشتها -مسألة: حرمة اللغو وعدمها - استدلال الشيخ على ترادف اللهو واللغو والمناقشة .

274- الادلة على حرمة اللعب ومناقشتها -مسألة: حرمة اللغو وعدمها - استدلال الشيخ على ترادف اللهو واللغو والمناقشة

بسم الله الرحمن الرحيم 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
حرمة اللهو واللعب واللغو والعبث 
(36) 
الأدلة على حرمة اللعب 
واما ما يمكن الاستدلال به على حرمة اللعب فطائفتان من الآيات إضافة إلى العقل: 
1- الآيات الدالة على حرمة اتخاذ دين الله لعباً 
الطائفة الأولى: ما دل على حرمة اتخاذ دين الله لعبا، كقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ)([1]) 
وقوله تعالى: (قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آبَاؤُكُمْ قُلْ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ)([2]) 
وقوله تعالى: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ)([3]) 
المناقشة: 
ويرد عليها انها لا تدل على أكثر من حرمة نوع خاص من اللعب وهو اتخاذ الدين هزواً ولعباً ولا شك في حرمة اتخاذ الدين، أصولاً أو فروعاً أو أحكاماً أو حتى آداباً، هزواً ولعباً. 
لا يقال: لا تدل على أكثر من تحريم ما جمع كلتا الصفتين (الهزو واللعب)؟. 
إذ يقال: الظاهر ان الحكم يدور مدار أحد العنوانين ولو بمناسبات الحكم والموضوع لوضوح ان اتخاذ الدين هزواً محرم كاتخاذه لعباً إضافة إلى تجرد بعض الآيات، كالوسطى، من ضميمة الهزو. 
2-3- الآيات الدالة على ذمّ اللعب، وحكم العقل 
الطائفة الثانية: ما دل على ذم اللعب، بضميمة قاعدة الملازمة بين حكم الشرع وحكم العقل، بل ودعوى ذم العقل للعب بضميمة الملازمة أو بدعوى حكمه لا بالقبح فقط بل بالحرمة أيضاً، وهذا دليل ثالث كما لا يخفى. 
وذلك كقوله تعالى: (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ)([4]) 
وقوله تعالى: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً وَفِي الآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ)([5]) 
المناقشة: 
ويرد عليها مبنى بان قاعدة الملازمة إنما هي بين الحرمتين أو الذمّين ولا ملازمة بين الذم أو القبح والحرمة كما فصلناه في (رسالة في قاعدة الملازمة). 
واما من يرى قاعدة الملازمة بين الذم العقلي والحرمة الشرعية فله أن يجيب بان قاعدة الملازمة هي بين القبح أو الذم العقلي والحرمة الشرعية ولا ملازمة بين الذم الشرعي والحرمة الشرعية ولا بين الذم الشرعي والحرمة العقلية. 
واما دعوى استقلال العقل بحرمة اللعب على اطلاقها فمجازفة، واما حكمه بقبح اللعب في الجملة فلا ينتج – على فرض قبول الملازمة بين القبح العقلي والحرمة الشرعية – إلا حكم الشرع بحرمته في الجملة، ويعود أمر تحديد مصاديقه إلى الشارع وحيث حدد الشارع اللعب الحرام بعناوين خاصة (كاللعب بالشطرنج ونظائره) بقي غيره على أصالة الجواز والإباحة. 
هل تفيد الآيات التنقيص الذاتي أو بالقياس والمقارنة؟ 
وقد يناقش الاستدلال بهذه الآيات بانها لا تفيد التنقيص الذاتي للعب ولا التنقيص المطلق، بل تفيد التنقيص بالمقارنة أي ان الدنيا مذمومة واللعب مذموم بالقياس إلى تفويتها وتفويته مصالح الاخرة([6])، وبلحاظ ذلك أي بلحاظ وقوعه مقدمة للتفويت فلا تدل الآيات على مذمة اللعب في حد ذاته والدنيا في حد ذاتها. 
ويمكن الاستدلال على كلا الطرفين بشواهد من هذه الآيات وغيرها؛ فقد يستشهد على القبح الذاتي بقوله ( وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ) أو على القبح بالقياس بقوله: ( وَلَلدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ) بناء على تضمنها معنى التفضيل كما هو الأصل فيها. 
كما قد يستدل بقوله تعالى: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنْ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ)([7]) 
وعلى العكس بقوله تعالى: ( أَلْهَاكُمْ التَّكَاثُرُ) و( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ)([8]) 
وبالروايات كـ((إن الدنيا دار صدق لمن صدقها و دار عافية لمن فهم عنها ودار غنى لمن تزود منها، ودار موعظة لمن اتعظ بها، مسجد أحباء الله ومصلى ملائكة الله ومهبط وحي الله ومتجر أولياء الله‏، اكتسبوا فيها الرحمة وربحوا فيها الجنة... ))([9]) 
وعكسها كـ((...فإن الدنيا جيفة و طالبها كلاب‏))([10]) 
والبحث طويل في هذا الحقل يوكل لمظانه، ومن الجيد استفراغ بعض الأفاضل وسعه لتحقيق ذلك على ضوء الآيات والروايات وبضميمة الروايات المختلفة التي تدعو إلى الزهد أو التي تفسره بما يخرجه عن المعنى المعهود له. فتدبر وتأمل 
مسألة: حرمة اللغو وعدمها 
والفرق بين اللعب واللغو هو ان اللعب ما كان لغاية الالتذاذ لا غير واللغو ما لم يكن لغاية أبداً واما اللهو فما كان لغاية الالتذاذ الشهوي، على رأي كما سبق. 
لكن الشيخ في المكاسب استظهر انه مرادف للهو، قال: (وأما اللغو فإن جعل مرادف اللهو كما يظهر من بعض الأخبار، كان في حكمه ففي رواية محمد بن أبي عباد المتقدمة عن أبي الحسن الرضا ( عليه السلام ) أن السماع في حيز اللهو والباطل، أما سمعت قوله تعالى: ( وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً)([11]) ونحوها رواية أبي أيوب حيث أراد باللغو الغناء مستشهداً بالآية، وإن أريد به مطلق الحركات اللاغية فالأقوى فيها الكراهة)([12]) 
ولعل ظاهر كلامه الحقيقة الشرعية بمعنى تصرف الشارع في مفهوم اللهو بجعله مرادف اللغو، إذ انهما عرفاً متغايران. 
أقول: لكنه متأمل فيه إذ الاستشهاد بالآية على حرمة اللهو أعم من الترادف ومن كون اللغو أعم مطلقاً من اللهو كما هو واضح فكيف يجعل دليلاً على الترادف؟. 
نعم لا يصح ما ذكره فقه الصادق ( عليه السلام ) من ان الاستدلال بلحاظ تطابق العنوانين أحياناً، إذ فيه انه ان أراد ما كانت النسبة بينهما هي العموم والخصوص من وجه كما لعله ظاهره([13])، انه لا يصح الاستدلال([14]) على حرمة عنوان بحرمه عنوان آخر نسبته معه من وجه، كما هو بيّن. 
وصلى الله على محمد واله الطاهرين 
 
([1]) المائدة: 57. 
 
([2]) الانعام: 91. 
 
([3]) التوبة: 65. 
 
([4]) الأنعام: 32. 
 
([5]) الحديد: 20. 
 
([6]) أو حتى المصالح الدنيوية الملزمة. 
 
([7]) الأعراف: 32. 
 
([8]) المؤمنون: 115. 
 
([9]) مرآة العقول ج8 ص282. 
 
([10]) بحار الأنوار (ط – بيروت) ج84 ص289. 
 
([11]) الفرقان: 72. 
 
([12]) المكاسب ج2 ص48-49. 
 
([13]) قال في فقه الصادق ج21 ص346 (لكن يرد عليه إضافة إلى ضعف سنده: انه إنما يدل على صدق العنوانين في بعض الموارد وهو السماع حيث انه لغو في نفسه واستماعه يوجب حالة الالتهاء عن الله تعالى، فلا دلالة فيه على اتحاد مفهومهما). 
 
([14]) أي استدلال الإمام ( عليه السلام )، بناءاً على دعوى ان النسبة من وجه.

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1406
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 14 ربيع الأول 1436هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23