• الموقع : مؤسسة التقى الثقافية .
        • القسم : الاجتهاد والتقليد(1435-1436هـ) .
              • الموضوع : 434- شروط التبعيض 1ـ توضيح لوجه اشتراط تعدد المسألة لا الواقعة 2ـ ان يمكن التبعيض 3ـ فرق التبعيض عن العدول .

434- شروط التبعيض 1ـ توضيح لوجه اشتراط تعدد المسألة لا الواقعة 2ـ ان يمكن التبعيض 3ـ فرق التبعيض عن العدول

 بسم الله الرحمن الرحيم 

 
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين سيما خليفة الله في الأرضين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم 
 
التبعيض في التقليد 
 
(5) 
 
شروط التبعيض في التقليد 
 
1- تعدد المسألة لا الواقعة وضابطه 
 
فمنها: ما ذكره السيد القزويني من اشتراط تعدد المسألة وانه لا يكفي تعدد الواقعة، وقد جعل الضابط في تعدد المسألة كون دليلها متعدداً وعدمه – كما سبق. 
 
أقول: لعل الوجه في اشتراطه وإناطته الوحدة والتعدد بوحدة الدليل والمدرك وتعدده هو ان الحجية لا تتبعّض سواءاً أخذت بمعنى الكاشفية أم بمعنى المنجزية والمعذرية، وعليه فإذا كان رأي الفقيه الأول حجة فهو حجة مطلقاً فكيف يبعِّض المقلد في التقليد فيقلد غيره (أي المجتهد الثاني) في بعض ما دلت الحجة بخلافه؟ وإن لم يكن حجة فليس بحجة مطلقاً فكيف يبعِّض فيقلد المجتهد الأول في بعض ما احتج عليه بحجة باطلة([1])؟ 
 
والحاصل: ان مدرك المسائل الكثيرة لو كان واحداً فهي بأجمعها بحكم المسألة الواحدة ولا يهم تعدد موضوعها حقيقة، ولو كان مدركها متعدداً تعددت بتعدد المدارك ولو كان معقد المسألة موضوعاً واحداً (أي كلياً واحداً) وعليه فلو كان مدرك عشرة من مسائل الشكيات مثلاً واحداً، وكان مدرك عشرة أخرى منها مدركاً واحداً آخر لجاز التبعيض بين مسائل المجموعة الأولى والثانية([2]) ولم يجز التبعيض في مسائل كل مجموعة([3]). 
 
2- ان يكون التبعيض ممكنا 
 
ومنها: ما ذكره كاشف الغطاء([4]) قال: (المقام الثاني: إن محل الكلام في مسألة التبعيض في التقليد هو صورة ما إذا أمكن العمل بكلا الفتويين كأن أفتى أحد بوجوب الصلاة والآخر بوجوب الزكاة. أما فيما إذا لم يمكن ذلك كما لو أفتى أحدهما باستحباب الشهادة الثالثة في الأذان والآخر بحرمتها فهو خارج عن محل الكلام). 
 
أقول: ومزيد توضيحه ان التبعيض يتصور في ثلاثة مواطن فقط: 
 
1- الكل ذي الأجزاء كالصلاة فيبعض في التقليد بين أجزائها. 
 
2- الكلي ذي الجزئيات كهذا الفرد وذاك الفرد، كصلاة الظهر من هذا اليوم ومن اليوم الآخر. 
 
3- الكليين. 
 
اما البسيط موضوعاً بان لم تكن له أجزاء ولا جزئيات، والمتضاد حكماً وإن كان مركبا ذا أجزاء فيما عمَّ الحكمُ الكلَّ أو الكلي، فلا. 
 
ثم ان الأولى التمثيل بما إذا افتى أحدهما بوجوب صلاة الجمعة والآخر بحرمتها أو أفتى أحدهما بحرمة التشهد بالشهادة الثالثة في التشهد والآخر بالوجوب فكيف يمكنه الجمع؟ 
 
لا يقال: يمكنه ان يعمل برأي هذا فترة ثم برأي الآخر فترة أخرى؟ 
 
إذ يقال: ذلك عدول وليس تبعيضاً. 
 
واما مثاله فقد يورد عليه بانه يمكنه ان يترك فيكون قد عمل بمقتضى الحرمة إذ ترك كما عمل بمقتضى الاستحباب فانه يقتضي جواز الترك([5]) سواء أقلنا بانه مركب من طلب الفعل مع عدم المنع من الترك أم قلنا بانه بسيط مشكك بمعنى الطلب غير الأكيد. 
 
وقد يقال: ان الأمر تابع للمبنى في معنى التقليد فان قلنا انه الالتزام بالعمل بقول مجتهد معين فانه لا يمكن الجمع بين الالتزام بالحرمة والالتزام بالاستحباب، وإن قلنا انه العمل عن استناد فان عمله – أي تركه – يصح ان يسنده للفقيه الأول لأنه محرِّم أو للفقيه الثاني لأنه لم يوجبه بل اعتبره مستحباً ومقتضى الاستحباب جواز الترك. 
 
لكن فيه: ان هذا على فرض صحته جمع بين الفتويين وليس تبعيضاً، إلا ان يُصوَّر التبعيض بان يترك تارة مستنداً إلى تحريمه وأخرى مستنداً إلى استحبابه. فتأمل([6]) 
 
فارق التبعيض عن العدول 
 
ثم ان العدول متقوّم بالتعاقب بمعنى ان يقلد الثاني في نفس ما قلّد فيه الأول بشخصه على المنصور أو الأعم([7]) على رأي المحقق القزويني فلو قلّد في مصداقٍ أو نوعٍ مجتهداً ثم قلد في مصداقٍ آخر أو نوعٍ آخر مجتهداً آخر مع كون المدرك للمصداقين أو النوعين واحداً بنظر الأول، فهو عدول حسب القزويني، واما لدينا فليس بعدول إلا لو التزم أو استند في تقليده في المصداق أو النوع على فتواه الكلية دون ما لو لم يلتزم من الأول إلا بحدود المصداق أو النوع. فتأمل وسيأتي بحثه. 
 
أما التبعيض فلا([8])، بل بالتعدد. 
 
والتحقيق: ان العدول من مصاديق التبعيض لكنه خُصّ بصورة التعاقب إذ أريد به التبعيض بحسب الأزمان، وأريد بالتبعيض في التقليد غير هذه الصورة فتدبر. 
 
 
 
وصلى الله على محمد وآله الطاهرين 
 
 
([1]) وستأتي مناقشته بإذن الله تعالى. 
 
([2]) بأن يقلد في بعض مفردات هذه المجموعة مجتهداً وفي مفردات أخرى من المجموعة الأخرى مجتهداً آخر. 
 
([3]) بان يقلد في إحدى مسائل المجموعة الأولى أحدهما ويقلد في بعضها الآخر الآخر. 
 
([4]) النور الساطع ج2 ص195. 
 
([5]) فان الاستحباب يقتضي جواز كل من الفعل والترك. 
 
([6]) إذ هو عدول فتأمل إذ قد يتصور بدونه ومع قطع النظر عنه. 
 
([7]) أي الأعم من شخص الموضوع المقلَّد فيه. 
 
([8]) اي ليس متقوما بالتعاقب.

  • المصدر : http://www.m-alshirazi.com/subject.php?id=1347
  • تاريخ إضافة الموضوع : الثلاثاء 13 ذو القعدة 1435هـ
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 02 / 23